فصل: قال البيضاوي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



{وَسِيقَ الذين اتقوا رَبَّهُمْ إِلَى الجنة زُمَرًا} المراد سوق مراكبهم، لأنه لا يذهب بهم إلا راكبين إلى دار الكرامة والرضوان كما يفعل بمن يكرم ويشرف من الوافدين على بعض الملوك {حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا} هي التي تحكى بعدها الجمل والجملة المحكية بعدها هي الشرطية إلا أن جزاءها محذوف، وإنما حذف لأنه في صفة ثواب أهل الجنة فدل بحذفه على أنه شيء لا يحيط به الوصف، وقال الزجاج: تقديره حتى إذا جاءوها {وَفُتِحَتْ أبوابها وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سلام عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فادخلوها خالدين} دخلوها فحذف دخولها؛ لأن في الكلام دليلًا عليه.
وقال قوم: حتى إذا جاءوها وجاءوها وفتحت أبوابها فعندهم جاءوها محذوف، والمعنى: حتى إذا جاءوها وقع مجيئهم مع فتح أبوابها، وقيل: أبواب جهنم لا تفتح إلا عند دخول أهلها فيها، وأما أبواب الجنة فمتقدم فتحها لقوله تعالى: {جنات عَدْنٍ مُّفَتَّحَةً لَّهُمُ الأبواب} [ص: 50].
فلذلك جيء بالواو كأنه قال: حتى إذا جاءوها وقد فتحت أبوابها طبتم من دنس المعاصي، وطهرتم من خبث الخطايا، وقال الزجاج: أي كنتم طيبين في الدنيا ولم تكونوا خبيثين أي لم تكونوا أصحاب خبائث، وقال ابن عباس: طاب لكم المقام، وجعل دخول الجنة سببا عن الطيب والطهارة لأنها دار الطيبين ومثوى الطاهرين قد طهر من كل دنس وطيبها من كل قذر، فلا يدخلها إلا مناسب لها موصوف بصفتها.
{وَقَالُواْ الحمد للَّهِ الذي صَدَقَنَا وَعْدَهُ} أنجزنا ما وعدنا في الدنيا من نعيم العقبى {وَأَوْرَثَنَا الأرض} أرض الجنة وقد أورثوها أي ملكوها وجعلوا ملوكها وأطلق تصرفهم فيها كما يشاءون تشبيهًا بحال الوارث وتصرفه فيما يرثه واتساعه فيه {نَتَبَوَّأُ} حال {مِنَ الجنة حَيْثُ نَشَاءُ} أي يكون لكل واحد منهم جنة لا توصف سعة وزيادة على الحاجة فيتبوأ أي فيتخذ متبوأ ومقرًا من جنته حيث يشاء {فَنِعْمَ أَجْرُ العاملين} في الدنيا الجنة {وَتَرَى الملائكة حَآفِّينَ} حال من {الملائكة} {مِنْ حَوْلِ العرش} أي محدقين من حوله.
ومن لابتداء الغاية أي ابتداء حفوفهم من حول العرش إلى حيث شاء الله {يُسَبِّحُونَ} حال من الضمير في {حَافّينَ} {بِحَمْدِ رَبِّهِمْ} أي يقولون: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، أو سبوح قدوس رب الملائكة والروح، وذلك للتلذذ دون التعبد لزوال التكليف {وَقُضِىَ بَيْنَهُمْ} بين الأنبياء والأمم أو بين أهل الجنة والنار {بالحق} بالعدل {وَقِيلَ الحمد لِلَّهِ رَبِّ العالمين} أي يقول أهل الجنة شكرًا حين دخولها، وتم وعد الله لهم كما قال: {وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين} [يونس: 10]، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ كل ليلة بني إسرائيل والزمر.
الحوايم السبع كلها مكية عن ابن عباس رضي الله عنهما. اهـ.

.قال البيضاوي:

{قُلْ يا عِبَادِى الذين أَسْرَفُواْ على أَنفُسِهِمْ} أفرطوا في الجناية عليها بالإِسراف في المعاصي، وإضافة العباد تخصصه بالمؤمنين على ما هو عرف القرآن.
{لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ الله} لا تيأسوا من مغفرته أولًا وتفضله ثانيًا.
{إِنَّ الله يَغْفِرُ الذنوب جَمِيعًا} عفوًا ولو بَعْدَ بُعْدٍ، تقييده بالتوبة خلاف الظاهر ويدل على إطلاقه فيما عدا الشرك قوله تعالى: {إِنَّ الله لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ} الآية، والتعليل بقوله: {إِنَّهُ هُوَ الغفور الرحيم} على المبالغة وإفادة الحصر والوعد بالرحمة بعد المغفرة، وتقديم ما يستدعي عموم المغفرة مما في {عِبَادِى} من الدلالة على الذلة، والإِختصاص المقتضيين للترحم، وتخصيص ضرر الإِسراف بأنفسهم والنهي عن القنوط مطلقًا عن الرحمة فضلًا عن المغفرة، وإطلاقها وتعليله بأن الله يغفر الذنوب جميعًا، ووضع اسم {الله} موضع الضمير لدلالته على أنه المستغني والمنعم على الإِطلاق والتأكيد بالجميع. وما روي أنه عليه الصلاة والسلام قال «ما أحب أن تكون لي الدنيا وما فيها بها، فقال رجل يا رسول الله ومن أشرك فسكت ساعة ثم قال: ألا ومن أشرك ثلاث مرات» وما روي أن أهل مكة قالوا: يزعم محمد أن من عبد الوثن وقتل النفس بغير حق لم يغفر له فكيف ولم نهاجر وقد عبدنا الأوثان وقتلنا النفس فنزلت. وقيل في عياش والوليد بن الوليد في جماعة افتتنوا أو في الوحشي لا ينفي عمومها وكذا قوله: {وَأَنِيبُواْ إلى رَبّكُمْ وَأَسْلِمُواْ لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ العذاب ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ} بأنها لا تدل على حصول المغفرة لكل أحد من غير توبة وسبق تعذيب لتغني عن التوبة والإِخلاص في العمل وتنافي الوعيد بالعذاب.
{واتبعوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مّن رَّبّكُمْ} القرآن أو المأمور به دون المنهي عنه، والعزائم دون الرخص أو الناسخ دون المنسوخ، ولعله ما هو أنجى وأسلم كالإنابة والمواظبة على الطاعة.
{مّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ العذاب بَغْتَةً وَأَنتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ} بمجيئه فتتداركوا.
{أَن تَقُولَ نَفْسٌ} كراهة أن تقول وتنكير {نَفْسٌ} لأن القائل بعض الأنفس أو للتكثير كقول الأعشى:
وَرُبَّ بَقِيعَ لَوْ هَتَفْتُ بِجَوِّه ** أَتَانِي كَرِيمٌ يَنْفُضُ الرَّأْسَ مُغْضبا

{يَا حسرتى} وقرئ بالياء على الأصل.
{على مَا فَرَّطَتُ} بما قصرت.
{فِى جَنبِ الله} في جانبه أي في حقه وهو طاعته. قال سابق البربري:
أَمَا تَتَّقِينَ الله فِي جَنْبٍ وَامِق ** لَهُ كبدٌ حَرّى عَلَيْكَ تَقَطَّع

وهو كناية فيها مبالغة كقوله:
إِنَّ السَّمَاحَةَ وَالمُرُوءَةَ وَالنَّدَى ** فِي قُبَّةٍ ضُرِبَتْ عَلَى ابْنِ الحَشْرَجِ

وقيل ذاته على تقدير مضاف كالطاعة وقيل في قربه من قوله تعالى: {والصَّاحِب بالجنب} وقرئ {في ذكر الله}.
{وَإِن كُنتُ لَمِنَ الساخرين} المستهزئين بأهله ومحل {إِن كُنتَ} نصب على الحال كأنه قال فرطت وأنا ساخر.
{أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ الله هَدَانِى} بالإرشاد إلى الحق.
{لَكُنتُ مِنَ المتقين} الشرك والمعاصي.
{أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى العذاب لَوْ أَنَّ لِى كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ المحسنين} في العقيدة والعمل، وأو للدلالة على أنها لا تخلوا من هذه الأقوال تحيرًا وتعللًا بما لا طائل تحته.
{بلى قَدْ جَاءتْكَ ءاياتي فَكَذَّبْتَ بِهَا واستكبرت وَكُنتَ مِنَ الكافرين} رد من الله عليه لما تضمنه قوله: {لَوْ أَنَّ الله هَدَانِى} من معنى النفي وفصله عنه لأن تقديمه يفرق القرائن وتأخير المودود يخل بالنظم المطابق للوجود لأنه يتحسر بالتفريط ثم يتعلل بفقد الهداية ثم يتمنى الرجعة، وهو لا يمنع تأثير قدرة الله في فعل العبد ولا ما فيه من إسناد الفعل إليه كما عرفت وتذكير الخطاب على المعنى، وقرئ بالتأنيث للنفس.
{وَيَوْمَ القيامة تَرَى الذين كَذَبُواْ عَلَى الله} بأن وصفوه بما لا يجوز كاتخاذ الولد.
{وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ} بما ينالهم من الشدة أو بما يتخيل عليها من ظلمة الجهل، والجملة حال إذ الظاهر أن ترى من رؤية البصر واكتفى فيها بالضمير عن الواو.
{أَلَيْسَ في جَهَنَّمَ مَثْوًى} مقام.
{لّلْمُتَكَبّرِينَ} عن الإِيمان والطاعة وهو تقرير لأنهم يرون كذلك.
{وَيُنَجِّي الله الذين اتقوا} وقرئ {وَيُنَجّي}.
{بِمَفَازَتِهِمْ} بفلاحهم مفعلة من الفوز وتفسيرها بالنجاة تخصيصها بأهم أقسامه وبالسعادة والعمل الصالح إطلاق لها على السبب، وقرأ الكوفيون غير حفص بالجمع تطبيقًا لهم بالمضاف إليه والباء فيها للسببية صلة لينجي أو لقوله: {لاَ يَمَسُّهُمُ السوء وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} وهو حال أو استئناف لبيان المفازة.
{الله خالق كُلّ شَىْءٍ} من خير وشر وإيمان وكفر.
{وَهُوَ على كُلّ شيء وَكِيل} يتولى التصرف.
{لَّهُ مَقَالِيدُ السموات والأرض} لا يملك أمرها ولا يتمكن من التصرف فيها غيره، وهو كناية عن قدرته وحفظه لها وفيها مزيد دلالة على الاختصاص، لأن الخزائن لا يدخلها ولا يتصرف فيها إلا من بيده مفاتيحها، وهو جمع مقليد أو مقلاد من قلدته إذا ألزمته، وقيل جمع إقليد معرب إكليد على الشذوذ كمذاكير. وعن عثمان رضي الله عنه: أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن المقاليد فقال «تفسيرها لا إله إلا الله والله أكبر، وسبحان الله وبحمده وأستغفر الله ولا حول ولا قوة إلا بالله، هو الأول والآخر والظاهر والباطن، بيده الخير يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير» والمعنى على هذا إن لله هذه الكلمات يوحد بها ويمجد، وهي مفاتيح خير السموات والأرض من تكلم بها أصابه.
{والذين كَفَرُواْ بئايات الله أُوْلَئِكَ هُمُ الخاسرون} متصل بقوله: {وَيُنَجّى الله الذين اتقوا} وما بينهما اعتراض للدلالة على أنه مهيمن على العباد مطلع على أفعالهم مجاز عليها، وتغيير النظم للإشعار بأن العمدة في فلاح المؤمنين فضل الله وفي هلاك الكافرين أن خسروا أنفسهم، وللتصريح بالوعد والتعريض بالوعيد قضية للكرم أو بما يليه، والمراد بآيات الله دلائل قدرته واستبداده بأمر السموات والأرض، أو كلمات توحيده وتمجيده وتخصيص الخسار بهم لأن غيرهم ذو حظ من الرحمة والثواب.
{قُلْ أَفَغَيْرَ الله تَأْمُرُونّى أَعْبُدُ أَيُّهَا الجاهلون} أي أفغير الله أعبد بعد هذه الدلائل والمواعيد، و{تَأْمُرُونّى} اعتراض للدلالة على أنهم أمروه به عقيب ذلك وقالوا استلم بعض آلهتنا ونؤمن بإلهك لفرط غباوتهم، ويجوز أن ينتصب غير بما دل عليه {تَأْمُرُونّى أَنْ أَعْبُدَ} لأنه بمعنى تعبدونني على أن أصله تأمرونني أن أعبد فحذف إن ورفع كقوله:
أَلاَ أَيُّهَذَا الزَّاجِرِي أَحْضِر الوَغَى

ويؤيده قراءة {أَعْبُدُ} بالنصب، وقرأ ابن عامر {تأمرونني} بإظهار النونين على الأصل ونافع بحذف الثانية فإنها تحذف كثيرًا.
{وَلَقَدْ أُوْحِىَ إِلَيْكَ وَإِلَى الذين مِن قَبْلِكَ} أي من الرسل.
{لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الخاسرين} كلام على سبيل الفرض والمراد به تهييج الرسل وإقناط الكفرة والإِشعار على حكم الأمة، وإفراد الخطاب باعتبار كل واحد واللام الأولى موطئة للقسم والأخريان للجواب، وإطلاق الإِحباط يحتمل أن يكون من خصائصهم لأن شركهم أقبح، وأن يكون على التقييد بالموت كما صرح به في قوله: {وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلئِكَ حَبِطَتْ أعمالهم} وعطف الخسران عليه من عطف المسبب على السبب.
{بَلِ الله فاعبد} رد لما أمروه به ولولا دلالة التقديم على الاختصاص لم يكن كذلك.
{وَكُنْ مّنَ الشاكرين} إنعامه عليك وفيه إشارة الى موجب الاختصاص.
{وَمَا قَدَرُواْ الله حَقَّ قَدْرِهِ} ما قدروا عظمته في أنفسهم حق تعظيمه حيث جعلوا له شركاء ووصفوه بما لا يليق به، وقرئ بالتشديد.
{والأرض جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ القيامة والسماوات مطويات بِيَمِينِهِ} تنبيه على عظمته وحقارة الأفعال العظام التي تتحير فيها الأوهام بالإِضافة إلى قدرته، ودلالة على أن تخريب العالم أهون شيء عليه على طريقة التمثيل والتخييل من غير اعتبار القبضة واليمين حقيقة ولا مجازًا كقولهم: شابت لمة الليل، والقبضة المرة من القبض أطلقت بمعنى القبضة وهي المقدار المقبوض بالكف تسمية بالمصدر أو بتقدير ذات قبضة. وقرئ بالنصب على الظرف تشبيهًا للمؤقت بالمبهم، وتأكيد {الأرض} بالجميع لأن المراد بها الأرضون السبع أو جميع أبعاضها البادية والغائرة. وقرئ {مطويات} على أنها حال و{السموات} معطوفة على {الأرض} منظومة في حكمها.
{سُبْحَانَهُ وتعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ} ما أبعد وأعلى من هذه قدرته وعظمته عن إشراكهم، أو ما يضاف إليه من الشركاء.
{وَنُفِخَ في الصور} يعني المرة الأولى.
{فَصَعِقَ مَن في السموات وَمَن في الأرض} خر ميتًا أو مغشيًا عليه.
{إِلاَّ مَن شَاءَ الله} قيل جبريل ومكائيل وإسرافيل فإنهم يموتون بعد. وقيل حملة العرش.
{ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أخرى} نفخة أخرى وهي تدل على أن المراد بالأُولى ونفخ في الصور نفخة واحدة كما صرح به في مواضع، وأخرى تحتمل النصب والرفع.
{فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ} قائمون من قبورهم أو متوقفون، وقرئ بالنصب على أن الخبر.
{يُنظَرُونَ} وهو حال من ضميره والمعنى: يقلبون أبصارهم في الجوانب كالمبهوتين أو ينتظرون ما يفعل بهم.
{وَأَشْرَقَتِ الأرض بِنُورِ رَبّهَا} بما أقام فيها من العدل، سماه نور لأنه يزين البقاع ويظهر الحقوق كما سمى الظلم ظلمة. وفي الحديث «الظلم ظلمات يوم القيامة» ولذلك أضاف اسمه إلى {الأرض} أو بنور خلق فيها بلا واسطة أجسام مضيئة ولذلك أضافه الى نفسه.
{وَوُضِعَ الكتاب} للحساب والجزاء من وضع المحاسب كتاب المحاسبة بين يديه، أو صحائف الأعمال في أيدي العمال، واكتفى باسم الجنس عن الجمع. وقيل اللوح المحفوظ يقابل به الصحائف {وَجِىء بالنبيين والشهداء} الذين يشهدون للأمم وعليهم من الملائكة والمؤمنين، وقيل المستشهدون.
{وَقُضِىَ بَيْنَهُمْ} بين العباد.
{بالحق وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ} بنقص ثواب أو زيادة عقاب على ما جرى به الوعد.
{وَوُفّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ} جزاءه.
{وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ} فلا يفوته شيء من أفعالهم، ثم فصل التوفية فقال: {وَسِيقَ الذين كَفَرُواْ إلى جَهَنَّمَ زُمَرًا} أفواجًا متفرقة بعضها في أثر بعض على تفاوت أقدامهم في الضلالة والشرارة، جمع زمرة واشتقاقها من الزمر وهو الصوت إذ الجماعة لا تخلو عنه، أو من قولهم شاة زمرة قليلة الشعر ورجل زمر قليل المروءة وهي الجمع القليل.
{حتى إِذَا جَاءوهَا فُتِحَتْ أبوابها} ليدخلوها و{حتى} وهي التي تحكي بعدها الجملة، وقرأ الكوفين {فُتِحَتْ} بتخفيف التاء.
{وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا} تقريعًا وتوبيخًا.
{أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مّنكُمْ} من جنسكم.
{يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ ءايات رَبّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هذا} وقتكم هذا وهو وقت دخولهم النار، وفيه دليل على أنه لا تكليف قبل الشرع من حيث إنهم عللوا توبيخهم بإتيان الرسل وتبليغ الكتب.
{قَالُواْ بلى ولكن حَقَّتْ كَلِمَةُ العذاب عَلَى الكافرين} كلمة الله بالعذاب علينا وهو الحكم عليهم بالشقاوة، وأنهم من أهل النار ووضع الظاهر فيه موضع الضمير للدلالة على اختصاص ذلك بالكفرة، وقيل هو قوله: {لأَمْلاَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الجنة والناس أَجْمَعِينَ} {قِيلَ ادخلوا أبواب جَهَنَّمَ خالدين فِيهَا} أبهم القائل لتهويل ما يقال لهم.